... ناشدَتْني حين كنا في تِبْرِ الزَّمَن أن أكتب قصيدة بالمناسبة ( !!! ) ...
فقلت لها :
لا أعِدُكِ بشيء لأنّي لا أستطيع أن أقول شِعرا تحت الطّلب ، و لكن إن كان و لا بُدّ ممّا يُوحى إليّ مِن نَفَثات الإلهام ، ستُولد القصيدة مِن تلقاء نفسها ..
و قضّيتُ ليلتي خالٍ وِفاضُها من أيّ إلهام ،
و نامت القريحة قاعًا صفصفًا حتّى جاد الصّباحُ - و نحن نلتقي في أحد برازخ التّرقّي
و الوعي و التّجلّي - بالإطلالة المؤتلِقة لِمُحيّاها . فكان من سُعود حظِّها و بشائر طالِعِها ما أرادت .
فإليها أهدي القصيدة
💜 ضَحكتُكِ و الشّالُ الأخضر 💜
جميل هذا غُرّةُ الأيّام من شهر نَيْسانْ
و رائع في جيدكِ هذا الشّال ، أخضرٌ
كنُبذة الوعد في العهد الرّيّانْ
يا لَسِحْرِ الإبتسامة
فوق نَمْنمات المَبسم كيف اِئتلقتْ
بين حبّات البَرَد مثل اُلْجُمانْ
و ما أروعها ضَحكتُكِ !
كيف هدرت بين جوانحي كأنّها الطٌّوفانْ ؟
يا إلهي !
ما سِرُّ الفخامة ؟
و مَن ربط لكِ الشّالَ بهذه الأناقةِ و الإتقانْ
بُورِكْتُ .
فأنا وحدي من أقامكِ أمام المرايا
تُراودين السِّحر على قَدِّكِ الفَيْنانْ
و على ذاك المُحيّا تَنثُرين الورد و الألوانْ
أنا لا أعرف ماذا أحدَثْتِ في هذا الصّباح
لكنّني أتصوّرُ أنّكِ قبل الخروج
غيّرتِ الفُستان تِلْوَ الفُستانْ
و ربّما داولتِ الحِلَى
و جُلَّ قِطع المَصوغ لَديْك
و الخاتَمَ من البنان إلى البنانْ
و جرّبتِ من أجلي ضُروب العطور و الرّيحانْ
فأنا أعلم جيّدا أنّ حضوري فيك دائمٌ
و لِي عليكِ دَلٌّ و سُلطانْ
على كلّ حال ، لا تخجلي سيّدتي ،
فكلُّ شيء في سبيلي مُزْدَلَفٌ و قُربانْ
و أُدرك أنّي أجثُو فيكِ بين النَّفَس و الجَنانْ
و أنّكِ تُسبّحين باسْمي
كما يفعل جميع العُبّاد و الرُّهبانْ
و أعرف أنّك إذا حلفتِ بي
فهذا لديك هو أغلظُ الأيمانْ
فاعترفي سيّدتي و لا تَتَبرّمي
أنّ إسمي في سمعِك كقداسة الأذانْ
و أنّي في همسكِ قُنوتٌ و تَهجُّدٌ و قُرآنْ
هذه هي الحقيقة بلا رَوَغانْ
بل سأضلّ في عقلكِ جُنونًا
و شيئا من جُموحٍ و هَذيانْ
و سأبقى ما حَيِيتِ في رُوعِك شُعاعًا
ليس لخُسوفه أوانْ
و سأكون في الفؤاد مَدَدًا للنّبض و الخَفَقانْ
و رُبّما كنتُ في رأسكِ أَفْيُونًا
و سببا لصُداعٍ يَنتابكِ ، و غثَيانْ
اِطمئنّي ، ففي كلّ الأحوال تَلفيْنَني معكِ
مثل الجنّ يَتلبّسُ الإنسانْ
بل أبَشّرُكِ بأنّني هباءةُ الأُكْسِيجِنْ
و نَفحةُ العَيش و الدّمِ و الشِّريانْ
فعبثًا تُحاولين التّمرّد عليّ و العصيانْ
و كُفِّي عِنادا و كِبْرا
و اُخفِضِي أجنحة التّذلّل و العِرفانْ
فأنا بالذّات مَن جعل لك في المَلاحة آية
و راية و تِيجانْ
و ملَّكْتُكِ العفاف زينة و طَيْلسانْ
و لو غِبتُ عنك يوما واحدا
أكَلتكِ بَراثنُ الكآبة و الأحزانْ
و آهٍ لو تواريتُ أو توانَيْتُ عنكِ ساعةً ،
حَتْما ، يغيبُ فيكِ الإلهُ و يَركبُك الشّيطانْ
و إن تناأيتُ عنكِ قَيْدا ،
حتما تتوقّفُ من تحت أَخْمَصَيْكِ الأرضُ
فلا أزمان حينها بغير دوران و لا أكوانْ
فعلى الأقلّ لا تجحدي هذا الفضلَ و الإحسانْ
بالله مَنْ غَيري ؟
علّمكِ العُروجَ إلى الملإ الأَسْمى
ومن سِواي ؟
أسرى بكِ إلى معاقل الملائكة
و عرش الرّحمانْ
بصراحة ،
و الصّراحة راحة كما يقولون
أنا الخُلودُ يجتاز مَسار الأزمانْ
أنا كلّ القِوَى فيك بلا جَوْرٍ و طغيان
و الضُّعفُ أيضا بلا ذُلٍّ أو هَوان
إنّي الكمالُ بلا إخلال
و التَّمامُ بدون نقصانْ
ببساطة ،
أنا حَرْفٌ مع حرفٍ لا غير ،
في مُعجم المشاعر و الوجدانْ
باُختصار ،
أنا جوازُ العُبور و صكُّ الغُفرانْ
لو ضاع منكِ في مَتاهات الغفلة ،
مآلُكِ التّشرُّدُ و الخِذلانْ
فلا جنّة سيّدتي بدوني و لا رَضوانْ
بمعنى أوضح ،
كِنايتي : الحقُّ مَحضٌ و عَقْدُ الأمانْ
و دليل على الوجود و برهانْ .
هل عرفتِ إذًا مَن أنا سيّدتي ؟
أنا لو تاه منكِ كلُّ الوطن
سأبقى لكِ آخرَ الأوطانْ
و إن كنتِ لا تعلمين ،
فأنا الّذي حَماك من الغُزاة
و صعاليك الوِجدانْ
صدّقيني
أعرفهم واحدا واحدا
بَادِيهم ... و تالِيهم ...
غِرّهم ... و ضاعِنهم ...
سَفيههم ... و راجحهم ...
كلّهم مثل الثّيرانْ
ينتحلون... فيتحيّلون .. ثمّ يتحيّنون
و عند الجدّ ، يفرّون كجِرذانْ
أَعُدُّهم عَدّا ..
و أُحصيهم فردا فردا
ألَدُّهم لُدّا ، و ليتني أقُدُّهم قَدًّا
فيهم المُحابي .. و المُتصابي ..
و المتملّق .. و " البْراقْماتي" ..
و المُتسَلْحِب كالثّعبانْ ..
هل أَزعجكِ كلامي ؟ هل أفسدتُ مزاجكِ ؟
هل أقلقتْكِ صراحتي ؟
هل أضجَرْتُكِ ؟ هل أوجَعْتُك ؟
هل أحرجتُ كبرياءَكِ و خدشتُ حياءكِ ؟
آهٍ يا سيّدتي من ثورة بياني و سطوة اللّسانْ
اُعذريني
فكلّ الّذين ذكرتُ
هم في لائحة الحِنْقِ والسَّخَط
سوادٌ و سُخامٌ و دُخانْ
أعود فأسأل :
هل عرفتِ الآن من أنا ؟
عذرا على حَرْق الأعصاب
سأبوح لك باسمي الآن
يكفيكِ صبرا
و حسبي هذا الهَذَر و الهذيانْ
إنّي منذ الوعي الأوّل
أنام فيكِ مثل البُركانْ
لكنْ دُخاني كثيفٌ يَحجُب كلّ النّيرانْ
و أعرف أنّك أدخلتِني مرّات و مرّات
مخابر الإلحاد و النّكرانْ
و صادرتِ الذّاكرة إلى العناية المركّزة
لاستئصالي بالنّسيانْ
لكنّك لم تفلحي و لن تفلحي أبدا
لأنّني عَلّمتُكِ و "بشطارة"
نسيان النّسيانْ
فأنا ضدّ الإضمحلال
و مضادّ حيويّ ضدّ التحلّل والذَّوبانْ
مَن جحدني فهو الخَسرانْ .
نفد صبري وصبرُك الآنْ
وتريدين أن تعرفي مَن هذا الولهانْ ؟
سمعا و طاعة سلطانتي
و أعوذ بالله من العُقوق و العصيانْ
حاضر مَلاذ ذاتي هذا جوابي
يبلُغُك في الإبّانْ
أنا سرّ هذا الوجود
و سِفْر هاتيك الحياة
أنا الجنّة و الجحيم معا قبل الأوانْ
و آخر ما تبقّى لنسل أبيك من فراديس الجِنان
و رُبّما الجمر الأخير من سُعْر ابليسَ عليه اللِّعانْ
هل أدركتِ الآن ؟
أنّي لستُ مَلَكا
و ما كنتُ إنسا أو جانْ
أنا أُلَيِّهٌ صغير يسكن داخل كلّ مخلوق
و هذا لا يختلف فيه إثنان
حاءٌ و باءٌ ، فَجَلَّ الحرفان .
أجل ،
حرفان مُتجاوران لا ينفصلانْ
عليهما قامت الأرض والسّماوات
و كلّ الخلائق فيهُمُ سَيّانْ .
نعم أنا
♥️ الحُبُّ ♥️
موهبةُ الرّحمان في قلب الإنسانْ
و شريعة كلّ الأديانْ
قد عرفتِ الآن
اليدَ الغرّاء ربّةَ الصّولجانْ
و الّتي أقامتكِ قدّام المرايا هذا الصباح
و عَقَدَتْ شالَكِ الأخضر بهذا الإمعانْ
و نَشَرَتْ ضَحكَتكِ تغمر المكانْ
و تملأ كلّ الأرجاء و الأركانْ
فأضحى شالُك و ضَحكتُكِ للقصيدة خير عنوانْ
فعِمْتِ صباحا يا سيّدتي
و لكِ ما أردتِ
مع كلّ التّقدير و الإمتنانْ
نظم الأستاذ
الشّاذلي دمّق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق