( الدفن حيًا )
هي الفكرة الأكثر رعبًا ، إن وحشة اللحد ، وظلمة القبر ، أمران مخيفان مرهبان ، ترتعد منهما فرائص الجبابرة ، وتتهدم كل الملذات ، وتُنسى كل المسرات ، فما بالك لو كان المدفون حيًا ؟
فكرة مرعبة تخطر على بالنا ، ولشدة رعبها ورهبتها نطردها من أذهاننا ، خاصة لو كان هذا السؤال يتعلق بذاوتنا ، لو فُعل ذلك معنا ، أو مع عزيز أو قريب .
خاصة لو علمنا أن كثيرة هي الحوادث التي سمعناها ، من أن البعض قد استيقظوا وأفاقوا قبل الدفن ذلك أنهم كانوا في غيبوبة وليسوا أمواتاً بعد ، وذكرت صحيفة عالمية بأن واحد من كل خمسين شخصًا يدفن حيًا .
فهل هذا الخوف الرهيب مبالغ فيه أم له مبرراته ويصعب علينا بنفس الوقت تقدير مدى أهميته ، أعتقد أن هذه الفكرة ساورت الكثرة من الناس وليس القلة على إختلاف مشاربهم وثقافاتهم .
إن مفهوم الموت ودلائله تختلف فقد كان سابقاً يعتبر توقف التنفس والقلب دليل أكيد على الموت إلا أن الموت الحقيقي هو موت الدماغ لا توقف القلب فحسب ، حيث إن الدماغ من يرسل رسوله للقلب فيموت ، ثم يموت هو ، ليموت الإنسان حقيقةً.
لقد شاعت هذه الفكرة منذ زمن بعيد ، وقصص كثيرة عن الدفن حيًا لأشخاص دفنوا خطأ وهم أحياء ثم سمعت أصوات من قبورهم وعندما نبشت قبورهم ظهرت دلائل على أنهم دفنوا أحياء.
وخشية من ذلك وعبر العصور اعتمدوا عدة طرق لتفادي ذلك وعدم الدفن حيًا منها :
ترك جسد الميت لأيام وقد تمتد لأسابيع حتى تثبت الوفاة .
وأخرى بجعل أنابيب تُدخل للقبر الهواء ولفترة تدوم أيامًا ، أما من يدفنون فوق الأرض فقد زودوا النعش بنابض يمكن فتحه من الداخل ، إلى أن ظهر جهاز وهو عبارة عن جرس يرن عند أية حركة بسيطة من جسد الميت .
لكن التقدم العلمي والطبي والأجهزة الحديثة والمتطورة جداً لم تعد تجعل هناك مجالاً للشك بأن المدفون حي ، لكن يا تُرى هل كل هذا يجعل هذه الفكرة مدفونة للأبد ، أما ندفنها لكنها حية فينا ، تؤرقنا حينًا وحينا.
(عندما كان الموسيقار محمد عبدالوهاب طفلًا أُعلنت وفاته بشهادة وفاة رسمية، لترقب والدته وميضاً في عينه إنه مازال على قيد الحياة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق