السبت، 28 مايو 2022

الغرائب الزمن العجيب/ استاذ محمد موسى


 ♠ ♠ ♠ ♠  القصة القصيرة  ♠ ♠ ♠ ♠


♠ ♠ ♠غرائب الزمن الغريب ♠ ♠ ♠


        تزوجت بعد معاناة سنوات من الخطبة وعقد القرآن ، فالمسألة كانت ضيق ذات اليد ، ورغم أنها كانت تعمل وقدمت كل ما يمكن أن تقدمه لمن أحبه قلبها ، وفي النهاية تزوجت في بيت متواضع جعلته له جنه ، وأنجبت له أربعة أبناء ثلاث أولاد وبنتاً واحدة ، ورغم عمله في النهار والليل فإن حاجة البيت والأولاد كانت أكبر من دخله ودخل زوجته ، فقرر الأب السفر حتى يوفر لأولاده حياة مريحة ، وظل سنوات يسافر ويأتي في أجازة ، وقامت الأم بحمل المسئولية في التربية والعناية بالأولاد في غياب الأب بلا شكوى منها ، وعاد الأب إلى بلده عندما أدرك أن سنوات العمر تمضي أسرع مما حسب لها ، وأول ما فكر فيه تأمين حياة الأولاد ، فقام ببناء بيتاً بكل مدخرات ليتسع له وأبنائه ، وقام ببناء شقة لكل منهم حتى إذا حان موعد زواجه وجد الأمور ميسره له ، وليست كما كانت معه هو عند زواجه ، وسكن هو وزوجته رفيقة مشوار الحياة في الدور الأول من البيت ، وفي كل دور بالبيت أحد الأبناء ، إلا أن الإبن الأصغر وبعد أن تخرج من الجامعة وقبل أن يبدأ مشوار العمل ، حضر للبيت ومعه زميلة له من الجامعه ، وقال لوالدية سوف أتزوج زميلتي هذه ، فقال له والده ولكنك لم تعمل بعد ، وكان يجب عليك مراعاة الأصول ، ونقوم بعد أن تستقر أوضاعك بالزيارة إلى من تريد الإرتباط بها ، والتعرف على أهلها وبيتها ، هذه هي الأصول يا إبني ، فكيف تتزوج وأنت بلا عمل ، وهل فكرت قبل أن تأتي بها من سوف ينفق عليكما بعد الزواج ، وهل رجولتك تسمح لك أن أنفق على بيتك بعد أن أصبحت رجلاً ، ولكنه قال لقد إتفقت معها وجئت بها لتتعرف عليكم ، وتدخل الأخ الأكبر وأستطاع توفير عمل لأخوه في الشركة التي يعمل بها ، وتوسط لتهدئة الأمور وتم زواج الإبن الأصغر فعلاً ، والذي كان مسكنه فوق شقة الأم والأب ، وظل هذا الأمر في عقل زوجة الإبن ولم تنسى هذه العروسة هذا الموقف للوالدين ، ولما تزوجها ظلت تذكره بموقف أبويه وأنهما لا يحبونها كما يحبا زوجات الأبناء الأخرين ، والغريب أن بكثرة كلامها هذا قد منعته زوجته من زيارتهما كل يوم كما يفعل الأخرين ، ثم أصبحت الزيارة أسبوعيةً ، ثم شهرية ، علماً أنهما في الشقة أسفل منهما ، فهما في الدور الأول ، وهكذا كان قد خطط الأب لكي يمر الأبناء على الوالدين كل يوم ، وفي مرة قالت الأم للإبن الأكبر أن أخوك الأصغر قد وحشني ، فقال لها سوف يأتي لك الليلة ، وسأل عنه حارس العقار فأخبره أنه لم يحضر بعد فنتظره في الشارع حتى حضر ، طلب منه أن يصعد معه لأمه وأبوه ، فقال له ليس اليوم فأنا متعب ، فأقسم عليه أن يأتي معه ولكنه قال غداً سوف أأتي لهما ، ولما صعد الإبن الأكبر ليعتذر عن عدم حضور الإبن الأصغر اليوم ، كان الأب والأم يتحاوران ، فقال الأب: سوف أتركك معه لتشبعي منه حباً ، وأدخل أنا غرفتي وكأني زعلان ثم أخرج وأأخذه بالأحضان وأمطره بالقبلات ، ورن جرس الباب فجرى الأب لغرفته كما إتفق مع الأم ، ولكن الطارق كان الإبن الأكبر ليقول لأمه سوف يأتي غداً ، ولم يتمالك نفسه وخرج وأغلق الباب ، فدخلت الأم غرفة الأب منكسره وصعدت على السرير ، وطلبت منه شربة ماء والدموع في عينها ، فذهب الأب ليحضر كوب الماء لها ، ولما دخل عليها كانت بلا حراك وتنظر لأعلى فقد فارقت الحياة ،  فإذا بالأب يبكي ويقول أهذا هو الجزاء وثمن التربية والعناء وجلس بجوارها يبكي عمره وعمرها.


♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وشادية _بقلم الشاعر / رشيد الخزرجي

 وشَـادِيَةٍ لها منّي سلامُ              وتقديرٌ وحُبٌ واحترامُ تَجُودُ بِصَوتِها كالغيثِ دَومًا!       وَهَلْ كالغيث إنْ ظَمِئَ الأنام؟  له...