الاثنين، 17 نوفمبر 2025

لم يعد يكفيني _ بقلم الأديب اليمني/ نجم الدين الرفاعي


لم يعد يكفيني أن أصمت.


الصمت الذي كنت أحسبه نجاة

صار يتحوّل في صدري إلى صخرة

تكبر كل يوم

حتى خفت أن تُطبق على أنفاسي.

أريد كلماتٍ تقضم العجز

وتترك أثرَها على الورق

كندبة لا تُشفى،

كقانون لا يمكن الرجوع عنه

بعد توقيعه بالدم.

تعبت من الأسماء التي تنهض داخلي

كلما خدشتني الذكرى،

الأسماء التي ظننتها ملجأ

فصارت جدارًا أرتطم به

كلما حاولت أن أتنفس دون ألم.

لم أعد صالحًا للاتكاء على الآخرين

ولا للحشود التي تطالب بثباتٍ لا يحتمله البشر.

الهشاشة التي حاولت طمسها طويلًا

علّمتني أن القوة الحقيقية

هي القدرة على الانحناء

دون أن ينكسر الظهر،

والقدرة على المغادرة

قبل أن يصير البقاء انتحارًا بطيئًا.

أنا آسف للأشياء التي أهملتها أثناء المعارك:

للقلب الذي تركته على قارعة الطريق

وأقنعته بأن الصبر بطولة،

للخطوات التي أجبرتها على الركض

وركضت بي حتى فقدت الطريق،

للأحلام التي بعتها رخيصًا

لأجل مجدٍ لم يكتمل.

آسف للوقت الذي أهدرته

وأنا أحارب جبهاتٍ

كان يكفي أن أغلق بابها.

لكنني لست آسفًا للملح

الذي صان قلبي من التعفن،

ولا للمسافة التي وقفت فيها وحدي

حتى عرفت وزني الحقيقي،

ولا للريح التي نزعت عني ما كان هشًا

كي أعرف ما الذي يستحق البقاء.

اليوم أمضي أخفّ،

لا أبحث عن انتصار،

ولا أرتّب هزيمة،

ولا أحتاج شاهدًا يصفّق.

يكفيني أنني خرجت من الحرب واقفًا،

بوجهٍ لا يخجل من ندوبه،

وبقلبٍ يعرف أنه لم يعد ملكًا لأحد،

وبروحٍ أدركت أخيرًا

أن النجاة شجاعة

وليست صدفة.

 بقلم :

نجم الدين الرفاعي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرضنا الطيبة _بقلم الشاعرة اليمنية/ آمنة ناجي الموشكي

 أرضنا الطيبة يـا عالِمًا سِرَّنا والجَهْرَ إنَّ لَنا في هذه الأرضِ أرضٌ طيِّبة حُرَّةْ تُرابُها التِّبرُ لا نِدَّ لها ولَها في كلِّ قلبٍ مُ...