الخميس، 11 ديسمبر 2025

حين انفجرت في داخلي كلمة _بقلم الشاعر / إبراهيم عثمان


 حين انفجرتِ في داخلي الكلمة

*****

هكذا كنتُ أفكّر فيكِ،

لا كأنثى،

بل كجرحٍ كان يتوضّأُ بمطرٍ مؤجَّل

منذ ثلاثين سنة،

جرحٍ كان يحرث حقولي اليابسة،

ويُربّي في صدري

رعدًا يرتجفُ مثل صوفيّ

يُسمّيه الناس مجنونًا

ويسمّي نفسه:

عاشقًا يبحثُ عن الله في امرأة.


كنتُ أفكّر فيكِ

كما يفكّر النفريّ في خطوته،

لا يعرف إلى أين…

ولا يريد أن يعرف.

كنتُ أراك

كضوءٍ يخرج من ظلامٍ لم يحدث بعد،

كصوتٍ يركضُ في جسدي

قبل أن يولد لساني.


وكنتِ أنتِ،

تتهاطلين عليّ

كما تتهاطل الأسئلة على الحلاج

وهو يصعدُ نحو حبّه

مصلوبًا على قلبه:

هل أنتِ أنا؟

أم أنا الذي تخلّيتُ عنه؟

أم نحنُ وجهان لقصيدةٍ

هربت من فم الشاعر

حين نام سكرانًا بالسماء؟


أيتها التي أتت

من جهة البرق،

من جهة الأنثى التي هربت

وتركت على ظهري

أغلالَ موهبةٍ

دفنها أبوكِ

في بطن أمّكِ

ثم ذهبَ إلى الأوراس

ليتعلم من الرصاص

أول درسٍ في الحرية.


تعالي…

فأنا لا أكتبكِ،

أنا أُصابُ بكِ.

أفتح صدري

فتنهض العاصفةُ من ثيابي،

وتهربُ الطقوسُ من لغتي،

وتستيقظُ قصيدة

كان رامبو يخبئها

في جيب الليل.

تعالي…

كي أعلّمكِ

كيف يصبح العاشق شاعرًا،

وكيف يصبح الشاعرُ نبيًّا،

وكيف يصبح النبيّ

مجنونًا

حين يرى الله

في وجه امرأةٍ

تتسرّب إلى أعماقه

كالمطر…

والخوف…

والدهشة الأولى.


تعالي…

أريد أن أكتبكِ

بمدادٍ من رماد بودلير،

وأحملكِ على جناح كولريدج،

وأعمدُكِ بنار أبي يزيد،

وأطوف بكِ حول قلبي

سبع مرّات،

ثم أذبحُ نفسي

على عتبة ابتسامتكِ

قربانًا لقصيدةٍ

ستُقال بعد ألف عام.


تعالي…

فلقد جمعْتِ في صدري

جنون جميع الشعراء،

وصوفيّة جميع العارفين،

وعتمة جميع الهاربين،

وأريدكِ الآن

أن تقيمي فيّ

كما يقيم المطرُ في السحاب:

لا ينفصل…

ولا يستقر…

ولا يكفّ عن الخيوط.


بقلم: ابراهيم عثمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خطوط الرموش _بقلم الشاعرة السورية /سعاد حبيب مراد

خطوط الرموش  إن تقفعت يداي سأرسم  بهدب العين حروفي  وحروفي لا ترسم رسما ً بل تكتب بإحساسي  حروف تُسَطر وتكتب  بهدب العيون ودموعها  شفافية ال...