الثلاثاء، 29 أغسطس 2023

من مذكرات استاذ جامعي _بقلم الأديب المصري /أ. د. محمد عبد الرحمن موسى

 "من مذكرات أستاذ جامعي"


"الحب بين أستغفر الله وبين الحمد الله"

  

             قام حوار بيني وبين دكتور صديقة في جامعة وهران بالجزائر الحبيبة ، عن الورد وأنا لي مع الورد حكايات وحكايات ، فأنا أعتبر الورد هو الحرف الأول فى إبجادية حروف الحب والتواصل بين القلوب ، وصديقتي قد قرأت إعترافات جان جاك روسو في الحب ، وأنا سبق لي منذ سنوات أن قرأتها ، قالت لي: لماذا يبوح الرجل في الغرب بحبه بهذه الروعة ، قلت لها: الحب في الغرب وأنا سبق أن عشتُ معهم ، لا يشعر من يعيش هذا الحب بأي حرج إذا اعلن عنه وعرفه من حوله ، ولكن الحب عندنا هنا في الشرق لا تستطيع العيش معه ، إلا فى المنطقة المظلمة من النفس ، وفي أحسن الأحيان في المنطقة الرومادية منها ، ليس حياء عفة كما يظن البعض ولكنه حياء خوف ، قالت لي: ماذا حدث للحب قلت لها لا شيء ، فكتاب الحب كما هو لم يتغير فيه شيء ، فلن يخضع بعد للهندسة الوراثية كما الكثير عندنا فجيناته كما هي ، وصفحات كتاب الحب كما هي بترتيبها منذ خلقه الله ، ولكن الذى تغير هو قارىْ الكتاب ، قالت: كيف فقلت لها لو قُرأ الكتاب من أول صفحة وتابع القارىء القراءة صفحة وراء صفحة حتى آخره لفهم الحب على حقيقته وكيف أنه ضرورة حياة ، ولشعر بكل المتعة من القراءة الصحيحة ، ولكن الأن من يمسك بالكتاب يعبث بأوراقه ولا يقرأ إلا آخره وهذه هي مصيبة الحب ، لأن آخر كتاب الحب لا يُفهم ولا يُعرف قدره إلا بتسلسل قراءته ، وللوصول إلى آخره يلزمه طقوس إجتماعية ودينية ، حتى يمارس هذا الحب بلا خوف وبشرعية المجتمع المبنية على الموروث الديني عندنا ، أما العبث والوصول لأخره دون مراعاة لإصول إجتماعية ودينية ، فهذا العبث هو الذي أساء إلى الحب ، وأعطى لأروع ما بالحياة هذه السمعة السيئة ، وجيلنا قد عرف الحب من القراءة المتأنية والمرتبة لكتاب الحب ، لذلك وجدناه بحقيقته واستمتعنا به واستمتع هو بنا ، ولكن البعض لا يقرأ فلا وقت عنده بل يذهب ليرى كيف يمارس الحب عن طريق النت أو بعض الفضائيات ، فيعتقد أن هذا هو الحب ، وشتان بين حب يعقبه ندم وإكتئاب ، وحبٍ تعقبه متعة تظل في النفس ، شتان بين حب يعقبه أستغفر الله العظيم ، وحب يعقبه الحمد لله على فضله ونعمه ، وعُرفتْ بين الناس مهن جديدة منها تجارة القلوب أو صائد القلوب ، هؤلاء عرفوا أن الباب الملكي للوصول للجميلات لابد أن يمر بالقلب ، فأصبحت هواية الصيد بالكلمات ، ولذلك كثرة أغاني الهجر والغدر وعدم الوفاء ، حتى ظن البعض أن الحب كالبيع والشراء ، وفي سوق البيع والشراء هناك الرابح وهناك الخاسر ، ولما غنت لنا المرحومة بإذن الله السيدة أم كلثوم رائعة الدكتور إبراهيم ناجي الأطلال ، ولهذه القصيدة قصة جميله ، فالشاعر الدكتور إبراهيم ناجي عندما قام بزيارة من أحبها (الفنانه زوزو حمدي الحكيم) ، لم يجدها في المنزل ، فكتب هذه القصيدة على باب بيتها ، ولما غنتها السيدة أم كلثوم ووصلت إلى القول (هل رأى الحب سكارى مثلنا) ، كنا نعرف أن الخمر هو الذي يسكر ، حتى ولو كان (خمراً مغشوشاً) إلا أن تلاقي العيون قد يسكر أيضاً ، ولكن عندما لا يكون هناك غش فيه ، فالصدق هنا هو المنتصر للحب ، قالت لي: محدثتي متى نعود إلى الحب كما عاشه من تمتع به ، قلت لها: عندما نعتني بما نأكله ويدخل أجسامنا أكثر من عنايتنا بما نلبسه في أقدامنا ، ضحكت وقالت: كيف؟ ، قلت لها نحن نضع عيشنا ونبيعه في الطرقات معرضاً للأتربه ، وعادم السيارات والذباب الذي قال الله سبحانه وتعالى"يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لايستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب الحج ٧٣" ، ثم نضع الأحذية فى أفخر الأماكن وهي تلمع في الفاترينات المكيفه ، أليس هذا غريب ، وعندما نعلم أن هناك حب يعقبه أستغفر الله العظيم ، وحبٍ آخر يعقبه الحمد لله رب العالمين ، فهنا سوف نعرف كيف نتمتع بنعم الله سبحانه وتعالى.


♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وشادية _بقلم الشاعر / رشيد الخزرجي

 وشَـادِيَةٍ لها منّي سلامُ              وتقديرٌ وحُبٌ واحترامُ تَجُودُ بِصَوتِها كالغيثِ دَومًا!       وَهَلْ كالغيث إنْ ظَمِئَ الأنام؟  له...