الاثنين، 28 مارس 2022

كبرت اذهب لوحدك. /الاستاذ عادل عمري

 "كبرت..اذهب لوحدك.." تردد صوتها في أذني ووقع في قلبي موقع اللطمة. لم استوعب الامر أول الأمر و تمسكت الابتسامة بشفتي و لكن انزلاق اليد من يدي خلف إحساسا رهيبا بالفراغ و الضياع. رفعت رأسي نحوها. لأعوام تبدو الآن و كانها لمعة برق، كانت سمائي. كانت سمائي انا لوحدي. كنا نشترك في الأحلام و كنت اذا اردت ان أحلم أرفع رأسي متطلعا الى عينيها. كانت جسري الى العلم و كانت رباطي الذي يشدني الى العالم و ها هو كل شي ينهار..هاهي تسحقه بكلمة "كبرت". لم اكن ارغب في البكاء و لكن الدمع تدافع لوحده و تحلق حول عيني يراود خدودي. قاومت بشدة. كان حجم الانكسار كبيرا..بلغ حد اليأس و حبس الدمع و منعه من النزول. لم اناقشها و لم احتج..لم تشرح لي و لم تعد الامر..

نكصت على عقبيها زامة شفتيها و مضيت إلى الأمام مغالبا دمعي. مضت توغل في الدرب و في الغياب و مضيت يغيبني الطريق و يلتهمني دمعي و..."كبرت"

تلمست يدي. كان ملمس يدها ما يزال في كفي. تدافع الدمع و انهمر على خدودي. كان قلبي ينشج. للحظات خلتها ما تزال معي و افترت شفتي عن ابتسامة اضاءت من خلال الدموع..استدرت ووقفت امسح الدرب بعيني. لم تكن هناك..لا اثر لها..رفعت كفي إلى أنفي و شممتها. كانت رائحتها تعبق منه و تتسرب إلى قلبي، فيزيد انكساره و يلطمني صوتها " كبرت"..

تعرج الدرب. مضى يتلوى كافعى و يبتلعني و..يبتلعك. تعرج الدرب و راحت كلمة " كبرت" تلطمنا كموج يتقاذف سفينة و يطوحنا..انت الى هناك و انا الى..هناك. طرفا خيط انت و انا و بيننا "كبرت" تشتتنا و تدفعنا الى غياهب الغياب..قطعت بعض الدرب و فهمت..فهمت ان "كبرت " تعني الغياب..انها تعني "تلمس طريقك و انحته لنفسك "..

انا و الحياة الآن لوحدنا..انا و الحياة وجها لوجه..معركتي بدأت و معركتك على الإنتهاء اوشكت..لم يكن معي من سلاح غير لطمتك.."كبرت".

تعرج الدرب. كم من مرة تعثرت؟ كم من مرة انكسرت؟ و كم من مرة استللت من ضلعي سيفا و اتخذت من قلبي عكازا؟ لا اعلم. انا فقط أعلم انني صدقتك منذ افلتت يدك يدي..صدقت انني "كبرت "، فهل تراني أخطأت إذ أنا صدقت؟


" كبرت..اذهب لوحدك" و الدرب يتعرج، يتلوى كثعبان..ثم يبتلعني..و يغيب كل شيء، عدا صوتك.." كبرت..اذهب لوحدك"..تلتصق بأذني و تباعد بيني و بينك..كلما غاضت سنة الا ونبتت اخرى و نحن..نتباعد حتى لا يبقى منك سوى " كبرت..اذهب لوحدك" تسد كل دروب الرجوع..اليك...فأمضي..

ها أنا اقف وحيدا..انا و الحياة وجها لوجه..و الدرب الذي رسمه صوتك، يستحيل دروبا.." اذهب لوحدك.." يتردد الصدى ..يلطمني حتى اكاد أقع ثم اعود مستقيما..يسندني طنين في اذني " كبرت.. اذهب لوحدك"..اكاد التفت الان ورائي..صدى الصوت في أذني يكاد يغريني بالالتفات..امد اليد..فتنزلق..و اصرخ " مدي يدك...امسكي يدي..اريد ان اعود اليك..اريد ان اعود طفلا صغيرا.." ابدا تلمس يدي يدك..ابدا التقيك..ابدا اعود على اعقابي..فقط هو صوتك في اذني يدنيك و يبعدك و يرسم بيننا دربا ممتدا بلا نهاية..اوله انت و اخره انا..دربا يبتلع من كبروا و لوحدهم ذهبوا..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لسنا صغار على الحب _بقلم الشاعرة اللبنانية /ريتا كاسوحة

لسنا صغار على الحب   من  الروح للروح  إطمئن يا قلبي  لاتقلق  لن يموت الحب فيك  مهما بلغت من العمر  فالحب ليس له عمراٌ أو كلمات تكتب او تق...