الخميس، 18 يناير 2024

كلمة الصباح _بقلم الشاعر السوري /فؤاد زاديكى


كلمةُ الصّباحِ
بقلم: فؤاد زاديكى
في مُعتركِ الحياةِ اليوميّةِ تتقاذَفُنا أمواجٌ كثيرةٌ متنوِّعةٌ, فمنها ما يأتينا ناعمًا كنُعُومةِ الحريرِ, مِمّا يبعثُ على الفرحِ و يجعلُنا نشعرُ بطعمِ الرّاحةِ, التي فيها نشوةُ السّعادةِ و الهُدوءِ و الاطمئنانِ, و منها ما يكونُ عاصِفًا شَدِيدًا, بحيثُ يقتلعُنَا في بعضِ الأحيانِ مِنْ جُذورِنا, أو يُسقِطُنا أرضًا, و نحنُ في غيبوبةٍ عن واقعِ ما حصلَ و ما يحصلُ. و في غيرِها ما يجعلنا بَينَ بَينٍ, و في جميعِ الأحوالِ و الظّروفِ فلا يجبُ أنْ يغلبَ علينا الشّعورُ بالإحباطِ و لا أنْ نُسَلِّم ِقيادةَ دَفّةِ سفينةِ حياتِنَا لِيَدِ المجهولِ, كي يتحكّمَ بمصائِرِنَا, بل علينا أنَ نُقاوِمَ مهما كانتِ الصُّعوباتُ, لأنّه السّبيلُ الأمثلُ للمُحافظةِ على اتِّزانِنا أو في محاولةِ إعادةِ التّوازُنِ عندما يقعُ أيُّ خللٍ لقاءَ تعرّضِنا لجميعِ هذه الأهوالِ و المصاعبِ و المصائِبِ.
قد تُعِينُنا الصّلاةُ لإحداثِ بَديلٍ عن كلّ هذه الفوضى العارِمةِ, فالصّلاةُ فيها شُعورٌ بالرّاحةِ, و فيها رَجاءٌ في عدم فقدانِ الأملِ. لكنّ الأهمَّ منَ الصّلاةِ برأيي هو أنْ نفهمَ واقعَ الحياةِ بما فيه, اعتمادًا على النّفسِ و على ما جرى في أزمنةٍ سابقةٍ, و أن نستوعبَ كلّ ما حصلَ و يحصلُ, إذ لا حالَ يدومُ فقد تتغيّرُ الأحوالُ و الظّروفُ في أيّةِ لحظةٍ بمشيئةٍ ما.
ما يهمُّنا في حياتِنا اليوميّة, التّركيزُ على ما يَنبغي عملُهُ و إتمامُ إنجازِه في جدولِ أعمالِ يومِنا و في نهايةِ النّهارِ, و بعد الخُلودِ إلى الرّاحة, تَجبُ إعادةُ ماجرياتِ اليوم لتقييمِها و النّظرِ في مَواطنِ الخلَلِ و مَحطّاتِ العُيوبِ و سوف يكونُ لها بكلّ تأكيد وجودٌ في قائمةِ يومِنا, فلا يجبُ أن نُهملَها أو نُغفلَها, و إلّا فإنّ يومَنا التّالي لن يكونَ بأفضلَ من يومِنا الحاليّ هذا, التّقييمُ ضرورةٌ حياتيّةٌ من أجلِ الوقوفِ على الأخطاءِ و من ثمّ العملُ بوعيٍ و فهمٍ و صبرٍ و جَلَدٍ و ثباتٍ و مُواظبةٍ على محاولةِ تَجَنّبِها في ما سيأتي, أمّا في حالِ عدمِ قِيَامِنا بِهذا التّقييمِ و التّصويبِ, فلن تكونَ لنا أيّةُ فائدةٍ مِنْ يومِنا هذا.
ربّما يقولُ قائلٌ: كيف لنا أن نتحكّمَ بما هو مُقَدّر و محتومٌ أو بالعرف السّائد هو مكتوبٌ على جبيننا كبشرٍ؟
أُجيب: أجل. أنتَ مُحِقٌّ بطرحِ هذا السؤالِ, لكنْ هل علمتَ بأنّنا نستطيعُ و من خلالِ ما نقومُ بهِ من مراجعةٍ و تدقيقٍ و تصحيحٍ لمسارِ الماضي أن نخلقَ فرصًا أفضلَ للمستقبلِ؟ فعندما نُهمِلُ ما جرَى معنا في يومِنا, فبكلِّ تأكيدٍ لن نَكتَرِثَ بما سيأتي غدًا, قد نكونُ مُسَيّرينَ في بعضِ المواقفِ و الحالاتِ, إلّا أنّنا و مع ذلك لدَينا شيءٌ أو أشياء من الخَيَارِ الذّاتي, بمفهومِ و مُنطلقِ أنّ المرء مُسَيّرٌ و مُخَيَّرٌ في ذاتِ الوقتِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سهرة _ بقلم الشاعر العراقي / موسى العقرب

سهرة ما أجملك من حكاية الشوق في عينيك يتلألأ وحرفك أسطورة من البداية  والنهايه تحمل غنوة بها الغرام يغازل الأوتار يحسن الرماية يالك من حكاية...