(وطن)الحلقة الرابعة
يتركونَ النومَ رغمَ تمكُّنِه منهم..يشكونَ تعبَهم لأمِّهم..تبتسمُ الأمُّ وفؤادُها يعتصرُ ألماً..ولسانُ حالها يقول:ليتني أستطيع أنْ أقومَ بكلّ العمل وترتاحونَ ياصغاري...ترمُقُهم بنظرةٍ حبٍّ ممزوجةٍ بالحنانِ..تداعبهم برفقٍ كي تُليّنَ عضلاتِهم المتشنجةَ..تُخبرُهم أنّ تعبَهم سيزولُ في اليومِ التالي..فهم على رأيها(ربيطون) يتناولون غداءَهم..ينسَونَ ألمَهم..يتراكضون مغرّدينَ إلى البَيْدَرِ ..يساعدونَ أباهم في تسويتِه ..حتى يغدو كملعبٍ دوليٍّ..يتناوبون بينَ الحصادِ وجمعِ المحصولِ في البَيْدَرِ مدةً أقصاها شهرٌ..تأتي بعدَها مرحلةُ درسِه الممزوجةُ بالمرحِ والفكاهة والأهازبج..يربطُ الأبُ(اللوحَ)على البغلِ ويشدُّه..يبدأ بعدها موسمُ الفرحِ..إذْ يقفُ الأبُ على اللوحِ خلفَ البغلِ لوكزه وتنبيهه عندما يلهو أو يتكاسلُ..فيما يجلسُ الصغارُ عليه فرِحين..ضاحكين..كمَنْ يمتطي بساطَ الريحِ..يدورون على المحصولِ فينفصلُ القمحُ عنِ التبنِ ..تأتي بعدها عمليةُ التذريةِ..حيث يتكاتفُ أبو وطن مع شبانِ أهلِ الحيِّ وأولادِه لتذريةِ المحصولِ ..يتراكمُ الذهبُ الأصفرُ جانباً..والذهب الأبيضُ جانباً آخرَ..يملؤونَ الأصفرَ في أكياسٍ متوسطةٍ منَ القنَّبِ..والأبيضَ في أكياسٍ واسعةٍ كبيرةٍ..يأتي بعدَ ذلك دورُ النساءِ يجتمعْنَ في البَيْدَرِ..يلتقطْنَ ماتاهَ منَ السنابلِ المُتْخَمَةِ بالحبوبِ..يضربْنها بالعصي ..ترتعبُ ..تلقي حمولتَها ذهباً أصفرَ متلألئاً ..يحملْنَه بسرورٍ ..يستبدلنَه بحلوى وأشياءَ لذيذةً يتناولْنها في جلساتِهِنّ الصباحيةِ..أما أبو وطن فيسهرُ معَ رجالِ الحيّ والصبيةِ تحتَ ضوءِ القمرِ..حيث أطباقُ الحلوى والموالحِ والأحاديثُ الشيّقةُ احتفالاً بنهايةِ الموسمِ..يكتسي الجميعُ بعدَ الموسمِ ثياباً جديدةً..يبنونَ منازلاً..يزوجون أبناءً..يسددونَ ديوناً..لم تكنْ فرحةُ وطنٍ وإخوته تُقَدَّرُ بثمنٍ..ثيابُهم جديدة..أوقاتُهم سعيدة.. تكاد أفئدتُهم أنْ تحلِّقَ في أعالي الفضاء..بينَ الغيومِ البيضِ..وأنجمِ السماء...!!!يتبع في الحلقةِ الخامسة
بقلم صباح أبوالسل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق