ابتهال فى ظلمة الهجر
خالد صالح فرج
التقينا معا، رغم اتساع المسافات بيننا، كنا على يقين أنا نسترق أياما من الزمن، نعم لا أنكر ان اللقاء كان مهددا بالفشل من أول خطوة نحوه؛ لكن لشدة حاحتنا إليه، غامرنا سويا دون النظر لعاقبته الأليمة.
لقد كان فى كل واحد منا صرخة مكتومة تنتظر جوف الآخر لتهدأ فيه.
و كعادتى كنت ممتطيا براق الكبر الذى لا يغلب فى سباق، لم أكن أعتقد يوما أن ما يقع للعاشقين إلا هفوة اودت بالاستسلام والضعف.
لهذا اتفقت من البداية إلا حب، و أن يطلق كل منا جناحه للطيران بعيدا دون وداع حينما يسأم الحياة على الأرض.
غلفت معها عن الوقت الذى مر سريعا، ولم أدر بها و هى تنزع عنى رداء العناد و الكبر اللذين عجز عن نزعهما غيرها.
انسقت وراء حرفها المعسول الذى يحاكى البلسم الشافى للعليل، و لا أدرى أنى أُجر إلى مجهول ينتظرنى عارى السلاح.
لم انتبه أن كل عاصفة تسبقها سكينة و هدوء، حتى فاجأتنى العاصفة التى لم تكن فى حسبانى، فأيقظنتى على ألم، ما قدرت الأقلام لتوفى بقوته، ألم لو عرض على أمم الهلاك فى غابر الزمان لكان الطمس و الطوفان و الصيحة
أرق و أقبل منه.
لم أكن أعلم قبل ذلك الألم الملموس للهجر المفاجئ و الفراق الذى لم يسبقه إنذار،و لا حتى الخطر الذى يجلبه القلب عندما ينحرف عن مساره.
و ها أنا الآن أتعبد بابتهال لم تنهجه ملة و لم يكلفه شرع خضعت فيه الجوارح حتى هوت قوتها، و مازلت لا أدرى أ كل الهوى يهوى بالروح ، و لم يبق فى الجسد إلا أنفاس إيابا و ذهابا...؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق