الأحد، 5 مايو 2024

تحديات إمرأة _بقلم الكاتبة /فوزية الخطاب


 تحديات امرأة


فاطمة فتاة نشيطة تقطن بأحد الدواوير بمدينة طاطا جنوب المغرب، من أسرة محافظة، تقدس التقاليد تقديساَ، فتاة شغوفة بالعلم، تدرس في السنة الثالثة اعدادي، تحلم بإكمال  دراستها في الجامعة، بل  ترغب في مغادرة أرض الوطن، تقاسمت حلمها مع أصدقاء الفصل والأساتذة، فكانوا لا يشجعونها، بل يقولون لها:

-  إلى أن تحصلي أولاً على شهادة الباكالوريا، لأنهم يعلمون غلظة أسرتها، خصوصا والدها سي علي، أما هي فكانت مؤمنة بأن القادم أفضل.

عادت ذات مساء من مدرستها فسمعت عائلتها تتحدث بلكنة أمازيغينة:

- تكمل هذه السنة فقط.

- نعم، ابن عمتها ينتظر منذ سنوات.

- نعم والدي، نزوجها ونرتاح.

- نعم يا ابراهيم هذا ما سنفعله.

تنهدت بعمق، تحدث إلى نفسها،  بل سأكمل دراستي، وأصبح مشهورة، ابتسمت وكأنها ترى حلمها يتحقق،

مرت الامتحانات بسلام، حصلت على أعلى معدل في الجهة... منحوها منحة دراسية لمدة ثلاث سنوات، سعدت بهذا الانجاز، واعتبرته بداية الحلم الكبير، كأن القدر يناصرها، أثناء تسليمها الجائزة على يد السيد "العَامْلْ" همست في أذنه:

-  من فضلك قل لهم أن يتركوني أدرس وتشبتت بيده، نظر إليها بابتسامة جعلها تطمئن، في نهاية الحفل نادوا  على والدها ليتحدث الى" العَامْلْ':

- نعم سعادة العامل.

- مبارك  تفوق ابنتكم فاطمة

- بارك الله فيكم سيدي الفاضل. 

- اسمع... أعلم تقاليد المنطقة جيداً والنظرة للفتاة المتعلمة، لذا اترك فاطمة تدرس نحن سنتابع دراستها، وسنتكفل بها، هذه فتاة موهوبة أتركها تتعلم

لم ينبس ببنت شفة ، طأطأ رأسه  وفي داخله بركان غضب لا يعرف كيف يسيطر عليه.

- سمعت كلامي" سي علي"؟ 

- فاطمة من اليوم سأعتبرها ابنتي، رغم غضبك وسخطك، لن أسمح لك بتدمير مستقبلها. 

- حسنا سيادة العامل إن شاء تعالى... خير.

عاد رفقة ابنته إلى المنزل، لم يخبر أحدا بما حدث، ظن الجميع أنها ستتزوج في بداية الموسم الدراسي، لكن فوجئوا  بسيارة تابعة للدولة تقف أمام بيتها، تزفها وكأنها عروس الى بيت عريسها.

علم سكان الدوار، أنها تفوقت فكوفِئَت. 

- هنيئا "لسي علي" فاطمة رفعت رأسه. 

- آه إنها طيبة وخلوقة.

- كانوا سيزوجونها لابن عمها.

- تحررت من ظلم التقاليد.

غادرت فاطمة القرية لتبدأ حياة جديدة بكل تحدٍ ونجاح،  لم يخب الظن فيها، فقد تفوقت في السنوات الثلاث، وختمت سنتها بأعلى معدل على الصعيد الوطني، وضعت الخطوة الأولى صوب نجاحها

توّجت بلقب التلميذة القروية المتميزة، استقبلت من طرف عاهل البلاد.

فاطمة اليوم أستاذة جامعية في إحدى الجامعات الامريكية.

زارت دوارها أكثرة من مرة، تكفلت بعدد كبير من الفتيات ليكملن دارستهن.


بقلمي

فوزية الخطاب 

يوم السبت 9 مارس 2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وشادية _بقلم الشاعر / رشيد الخزرجي

 وشَـادِيَةٍ لها منّي سلامُ              وتقديرٌ وحُبٌ واحترامُ تَجُودُ بِصَوتِها كالغيثِ دَومًا!       وَهَلْ كالغيث إنْ ظَمِئَ الأنام؟  له...