الصباح ليس وقتا من النهار _بقلم الأديب اليمني / نجم الدين الرفاعي

الصباح ليس وقتا من النهار، بل امتحان صفاء.

فحين ينهض الضوء ببطءٍ من بين أهداب الدنيا،

يبدو كأنه يوقظ فيك سؤالا قديما:

كيف تمضي في هذا العالم دون أن يفقدك، ودون أن تفقد نفسك؟

إنه سؤال لا يجيب عنه الخارج؛

فالريح باردة، والواقع فوضوي، والأشياء تتكدس حولنا بلا مرجع ولا ميزان.

ابدأ صباحك كصوفي  فالصوفيّ يعرف أن الفوضى ليست خصما،

بل ستارا،وأن ما يهم ليس ما يحدث… بل كيف نكون ونحن نرى ما يحدث.

في هذا الصباح،

تكتشف أن الله يزرع إشاراته في تفاصيل صغيرة:

في سكون الدقيقة الأولى،

وفي ذلك الشعور الغامض الذي يتسلل إلى صدرك ويقول لك:

“اهدأ… أنت تقاد لا تترك.”

الصوفي لا يطارد الحكمة؛

هو يتيح لها أن تظهر حين يلين الداخل،

وحين يتوقف القلب عن الاصطدام بالعالم،

ويبدأ في محاورته.

والبرد الذي يقرص يديك الآن،

ليس خصومة من الطقس،

بل تذكير ناعم بأن الدفء الحقيقي لا تنبِته المدافئ،

بل تزرعه روح تعرف أين تقف،

وإلى مَن تتجه مهما اضطربت الأرض تحتها.

تخرج إلى يومك لا لأن عليك أن تخرج،

بل لأن النهار دعوة:

دعوة لأن تمشي بطمأنينة العارف،

لا بارتباك الباحث.

فالتصوف ليس انسحابًا،

بل شجاعة السير في طريق لا يضمن لك شيئا،

لكنك تسير فيه لأنك ترى ما لا تراه العيون:

نورا صغيرا يكفي ليحمل قلبك،

ولو اختنق العالم بالظلال.

صباح النور لكل روح تبحث عن النور

بقلم : 

نجم الدين الرفاعي