الخميس، 10 أكتوبر 2024

ضيف تشرين _بقلم الاديبة / ابتسام نصر صالح


 قصة قصيرة 

بعنوان : ضيف تشرين

امي منذ السادس من تشرين الأول لهذا العام الذي نحن فيه كانت تتهيأ لأمر مهم جدا، تقول المشي ضروري لها، تطلع درج المنزل ببطئ لتصل إلى سطح البيت وانا ألحقها واتمشى معها تمر طائرات، أشاهد امي كيف تلوح بيدها وتدعو الله قائلة : الله يحميكم وينصركم، ألوح بيدي الصغيرة وانا مبتسمة، اعتدت هذا الأمر واخوتي أيضا، عمري ثمان سنوات.

اليوم هو اليوم الثالث وابي مناوب في عمله في مبنى سرايا حمص حيث يعمل على جهاز البرق ويتقن لغة المورس.

لان الحرب قائمة فهو يقوم بالمناوبة مع زملائه في العمل وكل ثلاث ايام يعود إلى البيت، هذه الليلة : طلبت امي من اختي الكبرى وأخي الأكبر أن يذهبا معا إلى بيت التيتة ام حامد ويقولا لها أن امي تريدك جاء موعد ولادتها، ذهبا ولفت اهتمامي أن امي لم تكن خائفة عليهما ابدا، لم تكن امي تعرف هل المولود طفلا ام طفلة، لم تكن امي قد وضعت نفسها تحت رعاية اي طبيبة ، كانت الامور تجري على السمحانية والاستعانة بالله. وصلت التيتة ام حامد وهي الداية التي تولد نساء الحي الذي نقطنه. وانجبت امي طفلا جعلنا في حالة فرح وبهجة .

صباحا: قالت لي امي : حين يأتي ابوك قولي له جاءنا ضيف.

ابتسمت ووعدتها أن أقول له كما علمتني.

مرت ساعات ونحن بانتظار ابي، وحين وصل ركضت اليه واخبرته بفرح : ابي تقول لك امي جاءنا ضيف. ابتسم ابي وقبلني قائلا: اهلا وسهلا بهذا الضيف والحمد لله على سلامة امك . 

بارك ابي لأمي بسلامتها والمولود الجديد وهي باركت له به ، ثم خرج من البيت ليعود وهو يحمل معه صدر حلويات (صينية كبيرة من الحلويات ) واجتمعنا كلنا حول ابي وامي ، سأل ابي ماذا تريدين ان تسمي الطفل؟ أجابت امي: انت اختر له اسما. هنا اختي الكبرى تدخلت قائلة : ممكن انا اختار الاسم؟ أجابت امي وابي معا : ممكن .قالت انا سميته فادي .

قال ابي مبارك الاسم ساسجله في النفوس اليوم في دفتر العائلة لاني غدا أعود للمناوبة وكان اليوم هو العاشر من تشرين الأول عام ١٩٧٣. عشنا فرحة الطفل الأخ الأصغر الذي نتناوب على حمله وخاصة انا لأنني استطيع حمله واستغرب وسعيدة لأنها المرة الأولى التي اتعرف بها على احد اخوتي وهو في اللفة مولودا جديدا وكان بالنسبة لنا كما يقول ابي وامي فادي جاء بحرب تشرين وهو بشارة النصر أن شاء الله .

عشنا بوجود فادي المولود الذي شغلنا عن كل شيء نحن وامي بغياب ابي خلال مناوباته . وحقا كانت الانتصارات تلو الانتصارات .

*****بقلم: ابتسام نصر الصالح 

حمص .سورية 

١٠ تشرين الأول ٢٠٢٤

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما فوق السطور _بقلم الشاعرة الجزائرية /حميدة جيلالي

 مافوق السطور في واحة الشوق باردة هي شوارع الغياب وخلف ضباب السراب تنساب الفوضى هوا شعور يبدأ من العمق تحت سطوة الحب وفوق السطور أهمس بكل ال...