الأربعاء، 14 فبراير 2024

الصديق الافتراضي _بقلم الأديب السوري / د. عمر أحمد العلوش

  (الصديق الافتراضي)

 الصداقة هي استحسان روحي ، وأن الصديق الافتراضي هو تخيل وتبلور ، وارتباط بوهم أو شبه وهم أو معدوم أو شبه معدوم .
وإن للخيال دوراً كبيراً بذلك ، وفي نشوء هذه الصداقة الافتراضية حيث يخلق صاحب الخيال للآخر  المفترض صورةً بذهنه  ويتمثها لنفسه ، وينصب لها صرحاً في وجدانه ، ويميل بوهمه لتلك الصورة من الخيال الذي ابتدعه .
وذلك مرتبط بما يقدمه ذلك الآخر من أفكار وقيم وعواطف ومشاعر على صفحاته الافتراضية .
وهنا قد يُدس السم بالدسم ، فيكون الكذب والمكر والخداع والتضليل والتدليس والغش والتزوير والاحتيال  ، في رسم صورة قد تصل للكمال ، في صفحة بطلها هوصاحبها .
فيحدث بذلك الاستحسان للمتلقي الذي بدوره يُزين تلك الصورة في خياله حتى
يُعجب بها كل العجب ويضفي على تلك الصورة  أشكال وفنون الكمال والجمال ومزايا ترتقي بها .
وعند أول اختبار تجد ذلك الصرح المُتخيل قد هوى للدرك الأسفل وتحول هذا النوع من الصداقة إلى العدم  والتلاشي بكبسة زر الإلغاء أو الحظر ، لكن بعد مايكون قد الحق بالروح والنفس كثيراً من الآلآم والعذابات فهذه الصداقة بهذا الجانب أسرع نمواً وأسرع فناء ،ً وأبطؤها نفاذاً للوجدان الصادق والضمير الحي  .
ولابد من القول أن عملية التخيل والتبلور هذه نراها لدى( بعض ) الجنس اللطيف أسرع وأسهل لغلبة الرومانسية عليهن ، ولذلك نرى أكثر الضحايا منهن .
وبالمقابل أن الصداقة هي خبرة معاشة ألفناها، وتجارب شخصية عشناها ، قبل هذه الصداقة الافتراضية الخيالية .
إن الصداقة لا تدرك إلا بالفكر الحق ، وإن كانت البداية للخيال في مثل هكذا صداقات حيث أن الفكر يدرك حقيقة ذلك بالتجربة وبنظرِ المُمِّحِص .
ولنكون منصفين إن بعض الصداقة الافتراضية قد تزداد قوتها وروابطها وتتطور لعلاقات واقعيةإذا إرتبطت إرتباطاً وثيقاً بالصدق والوجدان ، ويخلص الصديق بوده ، ويصدق بوعده .
حيث أن الصداقة هي إتصال بين أجزاء النفس البشرية المقسومة لأشخاص ، والصداقة هي العنصر الراقي من هكذا إتصال  ، فالذي تناسب بين الأنفس يتصل .
لهذا أرى لا فناء لهذه الصداقة الحقيقية إلا بالموت وقد لا تفنى .

د.عمرأحمد العلوش
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وشادية _بقلم الشاعر / رشيد الخزرجي

 وشَـادِيَةٍ لها منّي سلامُ              وتقديرٌ وحُبٌ واحترامُ تَجُودُ بِصَوتِها كالغيثِ دَومًا!       وَهَلْ كالغيث إنْ ظَمِئَ الأنام؟  له...