من سكرة الوجد
من سكرة الوجد أسبلنا نواصينا= والبدر من شغف يجلو ليالينا
يا مالئ الكأس هات الكأس مترعة= من خمرة العشق علّ الكأس تروينا
كأسا تجافى عن اللذات شاربها= واستنهضِ الروحَ كاد الوجدُ يضوينا
كأسا وقد ختمت مسكاً فإن لها= من كوثر عبقا لا مسك دارينا
لا خمرةً عصرت في كف مبتذل= أو أُهرقت ثَملاً من كف ساقينا
خمر اذا جال في الأرواح يرفعها = فوق السحاب وللأفلاك يدنينا
ذوب فؤادي في كاساتها فلها= نشوى من النور علّ النور يحيينا
تجلو بساحتها أنوارُ من عرفوا=طعم الهوى فسعَوا حَبْواً لبارينا
فالسالكون إذا هاموا بمن عشقوا= لم يثنهم وجل أن يُظهروا لينا
رقت مشاعرهم في خلوة فدنت= من جوهر العشق والأشواق تغرينا
روح فؤادك في شجوِ الحمام فقد=هام الحِمام على أرجاء نادينا
نجوى اليمام تسابيح بها شجنٌ= تجلو السِّقام وتسلو مِن تجافينا
من لاعج الشوق هامت مهجتي شغفا= وانهال دمع الجوى يروي مآقينا
يامن أنستَ بمن تهوى وهمت بهِ= هاج الهيام بنا والعشق يضنينا
هذا لعمري حبٌّ لست أبرحه= ما ذاقه وَلِهٌ من مثلِ ما فينا
عشق تأصل في الأضلاع حيث غدا= عند الفؤاد ربيعا بات ينشينا
نبع تدفق في أرواحنا وسرى= بين الجوانح شَلالا شرايينا
يدنو الحبيب إذا ناجيته فَرِحاً= فاستبشر الخير قد فازت مرامينا
من جاء معتذرا يرجو النجاة فقد=
نال القبول ولم يعدم جوازينا
عبدي تقربَ ملهوفا لمغفرتي= إني غفرت لمن جاؤوا محبينا
عفوي سأمنحه للعاشفين إذا = فروا إليّ فأثقلتُ الموازينا
هذا الحبيب ومن غيرُ الحبيب إذن= إن جئتُ معتذرا يُدنِ المحبينا
رباه جئنك مالي من ألوذ به= إلاك من سرفي نعم المجيرينا
إني دعوتك مضطرا ومنكسرا= أجب دعائيَ يا خير المجيبينا
واعذر لعبدك إن العشق يرهقه= إن الوصال شفاء للمريدينا
لما دنا موسم الطاعات أرقني= سهد اللقاء وكاد الوجد يردينا
بل صار نفح الربا من نشوتي عبقا= ينسال عطرا ويستهوي رياحينا
روْحٌ تحدرُ في أعماق أوردتي= تكسو الخمائل نوّارا ونسرينا
هلّت لنا نفحات من نسائمه= هذا لعمريَ جنات توافينا
نسك وصوم وأوراد ومغفرة= عتق إذا صدقتْ والصدق ينجينا
ذكرٌ نرتله نتلوا الكتابا معا= ذاك السجود به تحلو أماسينا
طوبى لمن سبقت اعمالهم وسمت=
أرواحهم سحبا تروي روابينا
للعارفين إذا نالوا القبول يدٌ= عند المليك وقد صاروا سلاطينا
قوموا بليل الى الرحمن وابتهلوا= إن القيام لزهرٌ في ليالينا
قوموا اشهدوا نفحاتٍ من مكارمه= واستبشروا فلقد نلنا أمانينا
زهير شيخ تراب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق